اما كيف احببتك فتلك قصة اخرى .. باختصار وبكلمات قليلة .. لقد اعدت لي شيئا من كرامتي الضائعة .. ووهبتني دفقا من الروح التي تجللت بالسواد زمنا طويلا .. واعطيتني ما لم يعطه لي ملك ولا رئيس ولا شيخ ولا أمير ولا حتى قلبي الذي ما زال ينبض بالحياه . واني لارجو ان لا تغتر يا سيدي .. فاني اعرفك حفيد من كان يمشي في الشوارع ويأكل ما يأكله الناس ويلبس ما يلبسون .. ولقد ملك الدنيا بيمينه ولكنه ظل على عهده من البساطة والرأفة بالناس والحنو على اليتامى والايامى والضائعين في زمنه .. واوصانا ان نتمثل به !!
ولنعد الى المسئولية التي اضعها فوق ظهرك فوق ما يحمله من مآس .. فقد اصبحنا كالانعام لولا الضوء الذي يأتينا بصيصا من (الجنوب) يحفزنا ويذكرنا باننا ما زلنا من صنف الانسان ..
ان اول ما يفعله الانسان عندما ينام او يأكل او يعيش ان ينظف بيته .. فلا يجوز ان يعيش على نتانه .. فان لم ينظفه فان الحشرات والهوام والامراض سوف تأكل جسده ويتهرأ جلده .. ودعني اذكرك ان (صلاح الدين) عندما اراد تحرير القدس بدأ بالرؤوس المتعفنة في جيشه .. ثم امتد ذلك الى حكام الطوائف .. ثم جمع جيشا عرمرما استطاع ان يسير الاف الاميال نحو القدس .. فدخلها منتصرا .. ودعني اذكرك ايضا .. ان الامام (الخميني) قدس الله سره ورحمه .. عندما اراد ان يسقط الرؤوس المتعفنة في ايران بدأ باستمالة الشعب الذي كان مهيئا لذلك .. وفي غضون اشهر لا سنوات .. بدأ بتنظيف البيت الايراني من اوشابه واوضاره .. فدخل طهران منتصرا ..
أنا لا ادعوك يا سيدي ان تقطع الرؤوس وتجري الدماء انهارا .. انا فقط ادعوك لكي تقترب من السنة بالقدر الذي تراهم قد دخلوا الاسلام من اوسع ابوابه .. وادعوك للاقتراب من الشيعة بالقدر الذي تصر فيه على محاربة السفاحين من بني صهيون .. وبذا تستطيع ان تدخل التاريخ كما دخله صلاح الدين والخميني .. وثانية دعنا مما يقوله المرجفون ..
ودعني اقول لك ان اصعب كلمتين سمعتهما او حفظتهما او قرأتهما في حياتي هما ( السنة والشيعه) فهذه التسمية تصيبني بالاشمئزاز والقرف .. صدقني يا سيدي ان الامر صعب جدا ان تلغيهما من قاموس اللغة العربية .. ولكنك يمكن ان تجاهد في سبيل ان تسمي السنة سلفا .. او الشيعة خلفا .. او العكس يا سيدي .. أو تسمي السنة انصارا والشيعة مهاجرين .. او العكس ايضا .. ما هو مهم ان نصل الى نتيجة لنتخلص من هذا الامر الذي بدأه الاجداد لينتقل الى الاحفاد .. واغلب الظن حسب اعتقادي ان كل ما جرى في التاريخ كان مصلحة شخصية لحاكم او من اراد ان يحكم .. وأنت لست بحاجة ان تعرف قصة العصا الواحدة وكسرها .. وجملة العصي والصعوبة في تفتيتها .. فاذا ما اجتمع ( الخلف والسلف) او المهاجرين والانصار .. فلسوف تهتز الارض من تحت اقدام الذين يلهبون ظهورنا بسياطهم ويعزفون الحانا نشازا لا تتوافق مع اوركسترا الامل التي نرغب في سماعها
ومع كل ما يمكن ان يطرح فان اهلنا من المسيحيين أو الدروز او يهود ( الوطن العربي) أو مزيج القوميات الاخرى ممن يعيشون أو كانوا بين ظهرانينا يمكن ان نكتشف انهم من صنوف البشر .. وان لهم حقوقا مثلما لنا .. وعليهم واجبات مثلما علينا ... فقد شاركونا اللقمة والنعمة والسراء والضراء .. فانا اعرف ان في متن جيشك المنتصر باذن الله بعض المسيحيين .. وكثيرا من الدروز .. وبعضا من السنة .. وكثيرا من الشيعة .. عكس ما ينشره المضللون من انه جيش طائفي يهدف الى سيطرة فريق على آخر .. او فئة على اخرى ..
أنا لن اطيل عليك .. فاني اعرف ما يشغلك وما يفكر به عقلك حتى قبل ان تتفوه به .. فانت تمسك الجمرة في لبنان فتكوي اصابعنا في بلاد الغربة .. وتحمل الوردة في يدك اليمنى فنشم عبيرها على بعد الاف الاميال .. فان اصابك الجوع فان امعاءنا تتلوى رغم ما تحويه جعبتنا من دولارات .. وما نعوم فيه من بحر النعم الحياتية .. ان سقط احد ابنائك في المعركة بكينا هنا . وان ضحكت ضحكنا .. وان بكيت فاننا نجهز الكثير من المحارم الورقية او غيرها لنمسح دموعنا.. فقد اصبحت يا سيدي الامل .. وانت تعرف ما يحمله لنا الامل ..
حبنا لك يطال السماء السابعة .. ويخترق الحجب سعيا نحو السحب .. فما عليك يا سيدي الا ان تستثمر هذا الحب .. بان تجعله حبا لا يتأثر بالتقلبات السياسية في الوطن البعيد .. نريد حلا نرتضيه سنة وشيعة.. وقوميات متفاوتة الاهواء وتحمل افكارا انسانية ..
لا تغضب يا سيدي .. اذ احملك هذه المسئولية العظيمه .. فهذه الرسالة قد خرجت من بين ضلوعي وليس من رأسي .. نريد حلا نرتضيه .. نريد حلا ليس ككل الحلول .. واعرف انه أمر جلل .. ولكن مسيرة الالف ميل تعرفها .. خطوة أخرى ناجحة يمكن ان تعيد الينا الكثير من كرامة الانسان.. ونحن بالانتظار !!